Options d’inscription

المشرق الإسلامي                           الأستاذ: صادق قاسم

 

الدولة الفاطمية

 

يرجع الفضل الأول لنجاح الدعوة الإسماعيلية لبلاد المغرب إلى الداعية أبي عبيد الله الشيعي المؤسس الحقيقي للدولة الفاطمية في المغرب الإسلامي على أن هذا الداعية لم يكن أول من دعا لإقامة الدولة الفاطمية للمغرب الإسلامي وقد سبقه في هذا المضمار دعاة آخرون مهدوا سبل لنجاح دعوته فيروي المقريزي أن الإمام جعفر الصادق أوفد إلى المغرب داعيين أحدهما يعرف بالحلواني والأخر بأبي سفيان وقال لهما:" إن المغرب أرض بور فاذهبا واحرثاها حتى يجئ صاحب البدر" ، فذهبا إلى هناك وأخذا يدعوان فيه حتى استمالا قلوب كثير من قبيلة كتامة وغيرها وضل هناك إلى أن ماتا، ولنرجح القول أن هذا النجاح لم يحصل إلا بعد عدة محاولات فاشلة قام بها الشيعة منذ قيام الدولة الأموية.

- مرت الدعوة الفاطمية بمرحلتين:

1 - مرحلة الإعداد: كان من أشهر دعاة الإسماعيلية آنذاك أبو القاسم رستم بن الحسين بن فرج بن حوشب بن ابن زادن الكوفي الذي توجه سنة 263هـ الموافق ل 818م إلى اليمن واستطاع أن يحقق نجاحاً باهراً بإظهار الدعوة وتمكن من بناء حصن في جبل لاعا (جنوب صنعاء) واستولى على صنعاء من بني يعفر ( نسبة إلى يعفر بن عبد الرحمن الذي أسس إمارة “سبام أقيان” أيام الخليفة العباسي المعتصم بالله أي قبل 226هـ) واستولى على أكبر بلاد اليمن وتسمى بالمنصور وفرق الدعاة باليمامة والبحرين والسند والهند ومصر والمغرب وكان من بين هؤلاء الدعاة: أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن زكرياء المعروف بأبي عبد الله الشيعي كما  عرف أيضا في الروايات التاريخية بأسماء أخرى مثل  "أبي عبد الله الداعي "  أو  " المشرقي " أو  " المحتسب " أو  " المعلم " أو  " الصنعاني " ويذكر الحاجب جعفر أنه كان رجلاً صوفياً وكان مع أخيه الأكبر أبي العباس ولما سافر أبو علي الداعي إلى مصر تقرب إلى صهره فيروز فأخذ عليهما ورباهما وفقههما ثم استأذن  إمام دعوتهم بإرسالهما إلى مصر على أن يتصل أبو عبد الله بأبي قاسم ابن حوشب الداعي باليمن ليساعده ويبقى أخوه في مصر يساعد أبا علي فوافق الإمام فقصد الأخوان مصر ثم تركها أبو عبد الله إلى اليمن ولكن هناك روايات أخرى تقول أن عبد الله الحق بابن حوشب عندما تمكنت الدعوة باليمن وظهر أمرها حتى يستفيد من طريقة عمله وتجاربه ثم يتجه إلى بلاد المغرب لنشر الدعوة والمهم أن أبا عبد الله مكث إلى جانب المنصور ما يقرب السنة ثم بعد ذلك اتجه إلى مكة ليلتقي بجماعة من المغاربة الكتاميين وعرف كيف يتقرب منهم وانه يريد قصد مصر ليشتغل معلم فدعوة لمصاحبهم.

فكان نزوله ببلاد كتامة في 15 ربيع الأول 250 هـ وكان قد وجد أرضا خصبة لنشاطه السياسي والديني.

 استطاع أبو عبد الله أن يؤثر في عقول المغاربة بما اجتمع إليه من ضروب الحيل بحلاوة كلامه واستخدام التنبوء والسحر وبرر هذا القول ابن الأثير بقوله"إن الداعي استخدم السحر وصنع من الحيل والطلاسم والرقى والأحجية ما أذهل العقل فأتاه البربر من كل مكان" .

كما هيئهم لقبول أفكاره واعتناق المذهب الاسماعيلي فسميي أتباعه بالمشارقة ، وقد لقي صعوبات جمة إذ أحدثت دعوته اضطرابات شديدة في صفوف قبيلة كتامة، وحاول البعض قتله مما دفعه إلى الاختفاء، ولكن هذه المحنة انتهت بانتصار الدعوة الفاطمية وصار لأبي عبد الله جند عظيم خلافاً عن الأموال التي كان يأخذها من الناس كرسم لدخولهم لمذهبه الاسماعيلي.

2 - مرحلة الاصطدام المسلح:

عندما قام أبو عبد الله باستجماع قوته العسكرية بدأ نشاطه الحربي ودخل بذلك في المرحلة الثانية من مراحل الدعوة التي امتدت من 291هـ إلى 297ه  ـ

كان المغرب في ذلك الوقت تسيطر عليه أربع دول وهي:

_ دولة الأغالبة ( 184هـ - 296هـ ) 

- الدولة الرستمية  ( 144هـ - 296هـ )

_ الدولة مدرارية (240هـ - 349ه)

 _ الدولة الأدارسة( 170هـ - 362هـ )

بدأ ابي عبد الله في الصراع المباشر بنزوله من جبال كتامة إلى سهول الأغالبة منها حدودهم الغربية واخذ يستولي على مدنهم الواحدة تلوى الأخرى إلى أن سقطت رقادة سوم السبت 1 رجب 296هـ بعد فرار أميرها زيارة الله الثالث إلى مصر، ولما استقرت أمور افريقية استخلف على رقادة أبا زكي تمام بن معارك ألجاني واخذ معه أخوه أبو العباس وخلال انتصاراته الأخيرة أرسل إلى عبيد الله المهدي بدعوة للقدوم إلى المغرب، وكان المهدي متخفيا ببلدة السلمية ببلاد الشام من أعمال حمص عازما على الرحيل إلى اليمن خوفا من قرامطة الشام فلما وصلته دعوة أبي عبد الله  حول اتجاهه إلى بلاد المغرب وحينما وصل إلى افريقية وجدا أن الأغالبة مازالوا أصحاب البلاد وان الداعي مازال في حرب معهم فاضطر إلى مواصلة السير غربا عبر الصحراء وحينما وصل إلى مدينة سجلماسة استطاع أن يستمل أميرها اليسع بن مدرار في بداية الأمر بالأموال لكن سرعان ما انقلب عليه  وزج به في السجن.

قصد الداعي سجلماسة في رمضان سنة 296هـ لإنقاذ عبيد الله  المهدي، وقد مر في طريقه على الدولة الرستمية وتمكن من الاستيلاء على تيهرت، ثم واصل سيره حتى بلغ مدينة سجلماسة فهزم أميرها الذي فضل الفرار،  واخرج المهدي من السجن وقال للناس وهو يبكي " هذا هو إمامكم" كما أخذ له البيعة هناك ، ومن ذلك الوقت تسلم عبيد الله المهدي  زمام الأمور، وأمر في يوم الجمعة 21 ربيع الثاني 297ه  أن يذكر اسمه في الخطبة وأن يلقب بالمهدي أمير المؤمنين في جميع البلاد بهذا أقام الدولة المسماة بالدولة الفاطمية أو كما سماها بعض معارضوها  بالدولة العبيدية.

Auto-inscription (Etudiants)
Auto-inscription (Etudiants)