Options d’inscription

المحاضرة الثانية

 

الخلافة  الفاطمية في بلاد المغرب

( 297 ه  - 358  ه)

بعد ما تطرقنا في المحاضرة السابقة إلى نشأة الدولة الفاطمية  وعالجنا فيه مرحلة الدعوة والدور الذي لعبه أبو عبد الله الشيعي في قيام الدولة وكيف تمكن هذا الأخير  من التأثير على قبيلة كتامة مستغلا عصبيتها بالنهوض بدعوته وفي إسقاط دويلات بلاد المغرب التي كانت قائمة آنذاك وكيف انفرد بالساحة السياسية بالقضاء على آخر دولة به وتحرير إمامه المهدي وإعلان بيعته، أما في محاضرتنا هذه سنتطرق إن شاء الله إلى الخلافة الفاطمية في بلاد المغرب.

 

1-           خلافة عبيد الله المهدي ( 297هـ-322 هـ ) :

منذ أن تقلد عبيد الله السلطة عمل على توطيد سلطانه فقام بالأعمال التالية:

أ- إعلان الخلافة : بعد يوم من وصوله رقادة أعلن خلافته يوم الجمعة 21 ربيع الثاني 297هـ ، وأمر أن يذكر اسمه في الخطبة وأن يلقب بالمهدي- أمير المؤمنين- في جميع البلاد، وبدأ بعد ذلك في تطبيق تعاليم الإسماعيلية.

ب- تقسيم البلاد إلى مجموعة من الولايات: عين عليها زعماء كتامة وممن يثق بهم من المغاربة مثل تعيين مكنون بن دبارة اجاني على طرابلس، والحسن بن أحمد على صقلية .

ج- التخلص من أبي عبد الله الشيعي: على الرغم من أن الدولة الفاطمية تدين بظهورها له فإن المهدي لم يلبث على العمل من التخلص منه بالقتل لأن أبا عبد الله كان موضع ثقة كبيرة من الكتاميين كما علت مكانته بين أهالي بلاد المغرب مما أدى إلى تخوف المهدي فخشي أن يفتن به الناس فيضعف بذلك نفوذه ، لذلك أمر بقتله هو وأخيه أبي العباس في جمادى الآخرة 295هـ.

 كما رأى عبيد الله المهدي بعد التخلص من عبيد الله الشيعي إخضاع الكتاميين الذين ثاروا على هذه الحادثة أن يستعين في إدارة دولته بولاة آخرين يطمئن إليهم فولى على المغرب الأدنى-إفريقية- حباسة بن يوسف وعين على بلاد المغرب الأوسط عروبة بن يوسف وكان مقره تيهرت.

د- إخضاع بلاد المغرب الأقصى:

كما وجه عناية إلى إخضاع قبائل صنهاجة بالمغرب لأقصى، والقضاء على نفوذ الأدارسة بفأس وعهد ذلك إلى قائده  مصالة بن حبوس الذي نجح في الاستيلاء على  نكور حاضره الصنهاجيين سنة 308هـ.

 ثم اتجه نحو الأدارسة بفاس والتقى بيحي بن إدريس بالقرب من مكناسة فأوقع به الهزيمة واضطر هذا الأخير إلى طلب الصلح وإقامة الدعوة للفاطميين فولاه مصالة على بلاده.

هـ - بناء العاصمة المهدية: لم تقتصر مجهودات المهدي على توطيد سلطان خلافته ، بل رأى أن يبنى حاضرة في مكان يتوسط أجزاء بلاده لتخذها حصنا يعتصم به هو وأنصاره ويوجه منه هجماته للخارجين عليه لتكون مقرا ًللدعوة الإسماعيلية، وكانت مدينة محصنة ذات أبواب ضخمة وهي عبارة عن شبه جزيرة محاطة بالبحر من معظم نواحيها، إلا أن هناك اختلاف عند المؤرخين حول تاريخ بنائها فابن عذارى يحدده بتاريخ 300هـ أما ابن الأثير 305هـ، ولكن من المتفق عليه أن المهدي انتقل إليها سنة 308هـ وأعطاها إسم المهدية نسبة إلى لقبه.

2-           أبو القاسم محمد بن عبيد الله الملقب بالقائم بأمر الله (322 ه – 334 ه) :

تولى الخلافة بعد وفاة أبيه تميز عهده بكثرة الثورات والتمردات، ففي خلافته ثار ابن طالوت القرشي وزعم انه المهدي، كما اشتهرت خلافة القائم بقيام ثورة كادت أن تطيح بملك بني عبيد ببلاد المغرب ألا وهي ثورة أبي يزيد مخلد ابن كيداد الخارجي النكاري الزناتي ، وهي ثورة يمكن أن نقول عليها ذات طابع وطني، كان الهدف منها إنشاء دولة بربرية لا يشترك فيها العرب، ذلك لأن البربر رأوا أنهم فتحوا الأندلس بدمائهم وسيوفهم، وبذلوا جهدهم في إجلاس الفاطميين على العرش في القيروان دون أن ينالوا شيئا من ثمار أعمالهم، دامت هذه الثورة لعدة سنوات.

3 - إسماعيل القائم بأمر الله الملقب بالمنصور( 334هـ-341هـ) :

 خلف أباه سنة 334هـ فكتم خبر وفاته حتى لا يستفحل أمر أبي يزيد ويطمع في ملكه ولم يلقب بالخليفة كما لم يغير السكة ولا الخطبة فوجه كل جهوده للقضاء على هذه الثورة فكان له ذلك سنة 336هـ من أهم الأعمال التي قام بها هذا الخليفة:

* إنشاء أسطول بحري كبير لمواجهة بني أمية بالأندلس خاصة أن بعض القبائل البربرية مثل زناتة أعلنت ولائها لهم ولا يمكن مواجهة الأندلس إلا بأسطول بحري.

* تحويل العاصمة إلى المنصورة التي أسسها سنة 337هـ في الموضع الذي دارت فيه الواقعة بينه وبين أبي يزيد، وظلت هذه المدينة حاضرة الفاطميين إلى أن رحل المعز بدين الله الفاطمي إلى مصر.

 

 

4- المعز بدين الله الفاطمي(341هـ- 365هـ) :

 هو المعز بن اسماعيل بن أبي القاسم بن المهدي ولد بالمهدية في رمضان سنة 319هـ وتوفي بمصر سنة 365هـ الموافق ل 985م بويع بالخلافة بعد وفاة أبيه اسماعيل وهو آخر خلفاء بني عبيد ببلاد المغرب، ففي عهده فتح جوهر الصقلي مصر، فكانت مقر خلافة الفاطميين إلى آخر أيامها.

 وجاء فتحه لمصر بعد أن تيقن الفاطميون أن بلاد المغرب لا تصلح لتكون مركزا للدولة ففضلا على ضعف مواردها كان يسدوها الاضطراب من حين إلى أخر لذلك اتجهت أنظارهم إلى مصر لوفرة ثروتهم وقربها من بلاد المشرق الأمر الذي يجعلها صالحة لإقامة دولة مستقلة تنافس العباسيين.

Auto-inscription (Etudiants)
Auto-inscription (Etudiants)