مقياس التفسير الموضوعي
Aperçu des sections
-
يُعتبر مقياس التفسير الموضوعي من أهم المقاييس الدراسية فيما يتعلق بالقرآن الكريم ، فهو يساهم في تزويد الطالب بالمهارات اللازمة لفهم ما نعيشه اليوم من قضايا مُستَجدَّة فعصرنا يحتاج الى ذلك النوع من التفسير الجامع لشتات الموضوعات المحيط بأطرافها
ويهدف هذا المقياس الى تقديم نظرة شاملة على هذا العلم القائم بذاته وتنمية الشخصية العلمية للطالب في مجال جمع الآيات القرآنية في الموضوع الواحد و الاستفادة منها مما يخدم المجتمع في حل المشكلات المعاصرة .
-
الكلية: كلية العلوم الإنسانية والعلوم الإسلامية.
القسم: قسم أصول الدين.
الفئة التعليمية المستهدفة: السنة الثالثة ليسانس كتاب وسنة.
السداسي: الأول.
الدرس: مقدمة في التفسير الموضوعي.
مقياس: التفسير الموضوعي.
الوحدة التعليمية: وحدة التعليم الأساسية.
الرصيد: 04.
المعامل: 02.
التقسيم: 60 % إمتحان كتابي و 40 % مراقبة مستمرة.
الحجم الساعي الأسبوعي: 3 ساعات: ساعة ونصف للمحاضرة وساعة ونصف للأعمال الموجهة.
طبيعة المادة: سداسية.
لغة التدريس: اللغة العربية.
الأستاذة: مداني فوزية (مكلفة بالأعمال الموجهة).
الأفواج: 01 و 02.
توقيت الدرس: يوم الأربعاء من الثامنة والنصف صباحا إلى غاية الحادية عشر وخمسة وأربعون دقيقة (الأعمال الموجهة).
مكان التدريس: القاعة 31 للفوج 01 والقاعة 32 للفوج 02 بكلية العلوم الإسلامية.
مكان تواجد الأساتذة: لا تتردوا في الاتصال أو التواصل معي في حال وجود أي استفسار كل يوم ثلاثاء الساعة 10 صباحا بقاعة الأساتذة الموجودة على مستوى الكلية.
التواصل على البريد الالكتروني: ahmedfaz80@gmail.com
-
يهدف تدريس التفسير الموضوعي إلى تكوين الطالب في مجال التفسير عامة وعلم التفسير الموضوعي خاصة وذلك من خلال دراسة تفصيلية لماهية هذا العلم ونشأته، وأبرز أنواعه، مما يساعد الطالب على فهم وتحليل تفاسير الآيات القرآنية، والتطبيق العملي لها وكذا معالجة المواضع المتعلقة بالقرآن الكريم وإسقاطها على الواقع والخروج بحلول لأهم مشكلات المسلمين من خلال القرآن الكريم الذي يعتبر دستور حياة للمسلم.
ففي نهايته يكون الطالب قادرا على:
5- 1- مستوى المعرفة والتذكر: تحفيز الطلاب على إستعادة المعلومات من الذاكرة بهدف استحضار ما لديهم من مكتسبات قبلية.
5- 2- مستوى الاستيعاب والفهم: وهنا يكون للطالب القدرة على إعطاء تعريف مناسب للتفسير الموضوعي من خلال بعض الأسئلة المتنوعة انطلاقا مما تم الاستفادة منه وفهمه للدرس.
5- 3- مستوى التطبيق: وهنا يمكن للطالب التعرف على أنواع التفسير الموضوعي وماهيته وخصائصه، ومن ثم قدرته على التمييز بين التفسير الموضوعي والأنواع الأخرى من مناهج التفسير.
5- 4- مستوى التحليل: في مرحلة التحليل يحلل الطالب مختلف المفاهيم المتعلقة بهذا الدرس، ومن ثم التفرقة بين التفسير الموضوعي والتحليلي.
5- 5- مستوى التركيب والإنشاء: وهنا يحاول الطلاب معرفة مجمل تقسيمات وأنواع التفسير الموضوعي، ومن ثم الوقوف على أهمية هذه الأنواع في هذا المنهج من التفسير، وعليه ربط مفاهيم وأنواع التفسير الموضوعي واستنتاج نمط أو طريقة تخدم البحث في النوع من أنواع التفسير.
5- 6- مستوى التقييم: اختبار نهائي لمعارف الطالب ومدى قدرته على التحكم في موضوع التفسير الموضوعي للقرآن الكريم.
-
بالنسبة للمكتسبات القبلية لمقياس التفسير الموضوعي ينبغي أن يمتلك الطالب العديد من المهارات و القدرات و الخبرات ليتحكم بشكل جيد في المقياس ، و من بين هذه المكتسبات :
- الرغبة في التطور الذاتي والاجتهاد في طلب العلم
- أن يكون الطالب مُلِمّاً بالمعارف التي حصلها من خلال دراسته لعلوم القرآن و مناهج المفسرين و التفسير التحليلي على مدار مساره الدراسي
- إدراك المفاهيم و المصطلحات الأساسية لعلم التفسير
- الإلمام بمباديء ومناهج البحث في علم التفسير
-
-
إنَّ من أجلِّ العلوم التي عنيت بكتاب الله عز و جل هو علم التفسير ، حيث اعتنى علماء الأمة ببيان و دراسة القرآن الكريم لاستدرار كنوزه و النهل منها ، فقد تنوعت طرائقهم في عرض علومه فكان من أهمها التفسير الموضوعي الذي يهتم بدراسة مواضيع القرآن الكريم من خلال تفسير آياته الكريمة
ينقسم مقياس التفسير الموضوعي الى محورين جوهريين ، أولهما مقدمة في التفسير الموضوعي و الذي سنتناول فيه مفهوم التفسير الموضوعي ونشأته وأنواعه وطرق البحث فيه وكذا الفرق بينه وبين مناهج التفسير الأخرى
أما المحور الثاني فهو دراسة التفسير الموضوعي من خلال نماذج تطبيقية و يندرج تحته المباحث التالية :
التفسير الموضوعي للموضوع القرآني ، التفسير الموضوعي للسورة القرآنية و التفسير الموضوعي للمصطلح القرآني و لكل منها نماذج تطبيقية
-
تعريف التفسير
-
التفسير لغة:
قال الراغب الأصفهاني: من ( الفسر) و هو: الكشف و البيان و الإيضاح ، و هو إظهار المعنى المعقول، و التفسير مبالغ من الفسر.
و منه قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾
أي: أحسن توضيحا و بيانا للمطلوب.
و التفسير: هو الايضاح و التبيين، و هو مأخوذ من الفسر و هو الابانة و الكشف
قال الفيروز آبادي في المحيط: الفسر الإبانة و كشف المغطى.
و قال ابن منظور في لسان العرب: الفسر: البيان، فسر الشيء يفسره- بالكسر و يفسره- بالضم فسرا، وفسره أبانه، و التفسير مثله، ثم قال الفسر كشف المغطى، و التفسير المراد عن اللفظ المشكل.
2.التفسير اصطلاحا:
هو علم يعرف به معاني آيات القرآن الكريم و فهم كتاب الله تعالى و بيان معانيه و استخراج أحكامه و حكمه.
و عرفه الزرقاني: علم يبحث فيه عن أحوال الكتاب الغريز، من جهة نزوله و سنده و أدائه وألفاظه و معانيه المتعلقة بالألفاظ، و المتعلقة بالأحكام
و عرفه كذلك : علم يبحث فيه عن أحوال القرآن الكريم من حيث دلالته على مراده بحسب الطاقة البشرية.
و عرفه أبو حيان في البحر المحيط بأنه: علم يبحث عن كيفية النطق بالقرآن الكريم و مدلولاتها، و أحكامها الإفرادية و التركيبية، و معانيها التي تُحمل عليها حالة التركيب، و تتمات لذلك خرج التعريف فقال:
فقولنا: (علم) هو جنس يشمل سائر العلوم
و قولنا: ( يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن): هذا هو علم القراءات
و قولنا : ( و مدلولاتها) أي مدلولات تلك الألفاظ، و هذا هو علم اللغة الذي يُحتاج إليه في هذا العلم
و قولنا: ( و أحكامها الافرادية و التركيبية): هذا يشمل علم التصريف، و علم الإعراب، و علم البيان و علم البديع.
و قولنا : ( و معانيها التي تحمل عليها حالة التركيب): يشمل ما دلالته عليه بالحقيقة و ما دلالة عليه بالمجاز، فإن التركيب قد يقتضي بظاهره شيئا و يصد عن الحمل على الظاهر صاد فيحتاج لأجل ذلك أن يُحمل على الظاهر و هو المجاز.
و قولنا: (تتمات لذلك): هو معرفة النسخ و سبب النزول
و عرفه الزركشي بأنه: علم يفهم كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه و سلم و بيان معانيه و استخراج أحكامه و حكمه.
و عرفه بعضهم بأنه: علم نزول الآيات و شؤونها، و أقاصيصها، و الأسباب النازلة فيها، ثم ترتيب مكيها و مدنيها، و محكمها و متشابهها، و ناسخها و منسوخها، و خاصها و عامها، ومطلقها و مقيدها، و مجملها و مفسرها، و حلالها و حرامها، و وعدها و وعيدها و أمرها ونهيها، و عبرها و أمثالها.
و هذه التعاريف تتفق على علم التفسير، علم يبحث عن مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية فهو شامل لكل ما يخدم فهم المعنى و بيان المراد
تعريف التفسير الموضوعي
بعدما تطرقنا إلى معنى التفسير لغة وإصطلاحا ، نعرف الموضوع لغة و اصطلاحا ثم نعرف اللفظ المركب و هو التفسير الموضوعي .
1- الموضوع لغة :
الموضوع المادة التي يبني عليها المتكلم أو الكاتب كلامه .
قال الفيروز آبادي : (والإبل وضيعة رعت الإبل حول الماء و لم تبرح ، ووضعتها : ألزمتها المرعى فهي موضوعة
فالموضوع من الوضع و هو جعل الشيء في مكان ما ، سواء كان ذلك بمعنى الحط و الخفض ، أو بمعنى الإلقاء و التثبيت في المكان ، وهذا المعنى الملحوظ في التفسير الموضوعي .
2- الموضوع اصطلاحا :
هو أمر أو قضية أو معنى يتعلق بجانب من جوانب الحياة سواء في العقيدة أو السلوك أو الفكر أو مظاهر الكون ، سواء ذكر في القرآن الكريم أو في أي فنون أخرى و المعارف و العلم .
- و الموضوع هو محل العرض المختص به ، وقيل هو الأمر المختص بالذهن و موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية ، كالكلمات لعلم النحو ، فإنه يبحث فيه عن أحولها من حيث الإعراب و البناء .
كما أنه يأتي بمعنى الشيء الذي له صفة معينة و ألزم مكانا معينا و هذا المعنى يناسب تقييد التفسير الموضوعي .
تعريف التفسير الموضوعي :
لقد عرف عدة تعريفات نختار منها ما نضنه أجمعها و أخصرها وهو : علم يتناول القضايا حسب المقاصد القرآنية من خلال سورة أو أكثر . وهو ثلاثة أنواع :
1- التفسير الموضوعي للموضوع القرآني :
هو الذي يلتزم فيه المفسر ( موضوعا)، لا موضعا بعينه، فيجمع الآيات الكريمة من مواضعها في سور القرآن الكريم ، ويقيم منها بناء متكاملا يقرر موقف القرآن من القضية ما .
وقد عرف عدة تعريفات منها :
- هو جمع الآيات المتفرقة في سور القرآن الكريم المتعلقة بالموضوع الواحد لفظا أو حكما وتفسيرها حسب المقاصد القرآنية .
- هو علم يبحث في قضايا القرآن الكريم ، المتحدة معنى أو غاية عن طريق جمع آياتها المتفرقة و النظر فيها على هيئة مخصوصة بشروط مخصوصة لبيان معناها ، و استخراج عناصرها ، وربطها برباط جامع .
2- التفسير الموضوعي للسور القرآنية:
وهدا العلم يتناول القضايا من خلال سورة أو أكثر و هدا النوع يختص بالمحور الرئيس الدي تدور حوله السورة الواحدة و ما هو المقصد الأهم من السورة.
3-التفسير الموضوعي للمصطلح القرآني:
هو استقراء و تتبع الباحث لكلمة أو لفظ معين و يرصد مرات تكرارها و اشتقاقاتها ، ثم يستنبط منها المعاني و الفوائد و العبر.
-
-
المطلب الأول: نشأة التفسير الموضوعي في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم
وهو عهد البداية للتفسير العام، والموضوعي على سواء، وكان ذلك عن طريق تفسير القرآن بالقرآن، إن لبنات هذا النوع من التفسير كانت موجودة منذ عصر التنزيل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فبذرته كانت قديمة فتفسير القرآن بالقرآن هو من التفسير الموضوعي.
فتفسير القرآن بالقرآن، هو تتبع الآيات التي تناولت قضية ما والجمع بين دلالتها وتفسير بعضها لبعض كان معروفا في الصدر الأول من الإسلام، ونجد في القرآن آيات تحيل إلى آيات أخرى في موضوعها ولا تفهم إحداها إلا بالأخرى، فقد لجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا التفسير عندما سئل عن بعض الآيات الكريمة، فقد كانت إشارات نبوية واضحة بأن اللفظ الواحد قد تكون له معانٍ متعددة في القرآن الكريم، وأن جمع الآيات يفيدنا في تحديد المعنى المراد في كل مقام.
وفيما أُثِر وصَحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المجال يمكن لنا أن نقول: أن هذا العلم نشأ ووضعت بذوره الأولى على يديه وفي عهده صلى الله عليه وسلم.
المطلب الثاني: التفسير الموضوعي في عهد الصحابة رضي الله عنهم
لقد سار الصحابة رضي الله عنهم على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كانوا يجمعون الآيات القرآنية التي يظن بها بعض التعارض أو بعض الأمور التي يشق عليهم فهمها وتختلف عليهم.
لم يستصعب الصحابة فهم القرآن الكريم لكونه نزل على قوم اشتهروا بالبلاغة والفصاحة، فقد كان التفسير في عهدهم على عدة مراحل منها تفسير القرآن بالقرآن فبعض آيات القرآن الكريم جاءت مجملة في بعض المواضع وجاءت آيات أخرى مفصلة لها، كما كانوا يفسرونه عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا أُشكل عليهم فهم آية يرجعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يبين لهم، كما كان للاجتهاد نصيب في تفسير الصحابة للقرآن الكريم فقد كان التفسير في تلك الحقبة يمتاز بالدقة والوضوح لأنهم قريبي عهد من زمن الرسول صلى الله عليه وسلم.
المطلب الثالث: التفسير الموضوعي في عصر التابعين وما بعهدهم
نجد في عهد الصحابة إشارات إلى التفسير الموضوعي للقرآن الكريم ويظهر ذلك في الكتب التي عنيت بتفسير القرآن، مما يتبين لنا قدم هذا النوع من التفسير باعتبار التسلسل التاريخي بداية من القرن الثاني للهجرة.
بدأت حركة التأليف في التفسير الموضوعي والدراسات القرآنية وعلوم اللغة ومن هؤلاء المؤلفين ومؤلفاتهم، قتادة بن دعامة (118 ه) وكتابة "الناسخ والمنسوخ" أورد جميع الآيات التي قيل بنسخها، وذكر الناس لها من القرآن الكريم.
وقد قام بعض المؤلفين بنوع التتبع الموضوعي، وإن كان بصورة مجملة منهم: مقاتل بن سليمان البلخي (150 ه) في "الاشتباه والنظائر"، وألف بن المدني (234 ه) كتابه "أسباب النزول"، فقد تحرى فيه جميع الآيات التي نزلت على أسباب خاصة فذكرها وذكر أسبابها، وبين المراد منها.
وألف الطبري (310 ه) كتابه الشهير "جامع البيان في تأويل القرآن" يستعين على فهم المعنى في بعض الآيات بتتبع كل ما يتصل به من المعاني في بقية القرآن، ثم يدرس الجميع دراسة شاملة يتضح فيها الجزء بالكل أو تتضح فيها الأجزاء كلها باكتشاف ما بينها من علاقات.[1]
ألف أبو جعفر النحاس (338 ه) "الناسخ والمنسوخ"، وألف أبو الحسن الواحدي (468 ه)
في "إعجاز القرآن"، وألف الدامغاني (48 ه) "إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم" وهو اتجاه نَحَاهُ بعض العلماء في تتبع اللفظة القرآنية، ومحاولة معرفة دلالتها المختلفة، وألف الراغب الأصفهاني (502 ه) كتابه "مفردات القرآن"، جمع فيه المفردات على حروف الهجاء، وبين معناها في اللغة وفي استعمال القرآن، وفي كذا الكلمات الغربية التي تتعدد دلالتها حسب الاستعمال.
وألف ابن العربي (543) "أحكام القرآن" و "الناسخ والمنسوخ"، وفي كتابه أحكام القرآن يتعرض لسورة القرآن كلها، حيث يذكر السورة وعددها من آيات الأحكام ثم يأخذ في شرحها آية آية، وهذا يعتبر مرجعا هاما في التفسير الفقهي عند المالكية.
وألف ابن الجوزي (597 ه) "نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر"، وألف القرطبي (671 ه) تفسيره "الجامع لأحكام القرآن".
وكتب شيخ الإسلام ابن تميمة "السنة في القرآن الكريم"، يعد تفسيرا موضوعيا شمل أغلب منهجه الذي وضع له حديثا، وقد خلص ابن تميمة في مقدمته إلى أن خير طرق التفسير هي أن يفسر لقرآن بالقرآن، فما أُجمل في موضع آخر، وما ذكر موجزا جاء مفصلا في آية أخرى، فتلاحظ أن ابن تميمة قد اعتمد على استقراء الآيات القرآنية المتصلة بالمعنى المفسر ثم حصرها، وإدراك الأصل اللغوي للمفردات، واستخرج المشترك المعنوي بين مختلف الاستعمالات القرآنية للألفاظ، والدلالات العامة التي تستنبط
من مجموع النصوص المستقرأة.[2]
ثم ألف ابن قيم الجوزية (751 ه) "أقسام القرآن" و "أمثال القرآن" و "التباين في أقسام القرآن"، وألف الزركشي (794 ه) كتابه "البرهان في علوم القرآن".
ألف الفيروزآبادي ( 817 هـ ) كتابه " بصائر ذوي التميز في لطائف الكتاب العزيز " يشبه صنيع الفيروز آبادي صنيع ابن تيمية في عرض مواضيع السورة في مقدمة تفسيره لها أو في خاتمتها ، حيث اهتم بالسورة من حيث هي مجموعة مواضيع و قضايا لا أنها مجموعة آيات فحسب[3] .
وألف البقاعي (885 هـ ) " تناسب الآيات والسور " ، " مصاعد النظر الإشراف على مقاصد السور " كما ألف السيوطي ( 911 هـ ) كتابه " الإتقان في علوم القرآن "
و ألف سيد قطب تفسيره " في ظلال القرآن " و هو أول من طبق منهج التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم ، وألف محمد علي الصابوني "روائع البيان تفسر آيات الأحكام "
-
إن مجال البحث في تفسير القرآن الكريم واحد وهو كلام الله عز وجل و الغاية واحدة وهي الكشف عن مراد الله سبحانه وتعالى من الآيات قدر الطاقة البشرية إلا أن المناهج تختلف بعض الشيء ، وحتى هذا الاختلاف في المنهج هو تنوع و تعاضد ترادف و بعضها يعتبر أساسا للانطلاق الى غيره .
المطلب الأول : الفرق بين التفسير التحليلي و التفسير الموضوعي .
ويعرف التفسير التحليلي بأنه ما يكشف من عن مراد الله عز و جل من كلامه بحسب الطاقة البشرية ، حسب ترتيب القرآن و تسلسل آياته التوقيفي، ويتجلى الفرق بينها وبين التفسير الموضوعي
في عدة نقاط:
1- في التفسير التحليلي يلتزم المفسر بالترتيب التوفيقي للآيات و السور ، كما هو في المصحف.
- في التفسير الموضوعي لا يلتزم بالترتيب ، وإنما يلتزم بترتيب آخر تفرضه طبيعة الموضوع وبنيته الفكرية .
2- في التفسير التحليلي قد يعالج عدة مواضيع بحسب ما يرد في الآيات و السور التي تتناولها .
- في التفسير الموضوعي لا يعتني المفسر إلا بالآيات التي قام بجمعها من السور في الموضوع الواحد ، فيعرف الناس موضوعات القرآن بعناوينها الواضحة و يعرفون مقدار صلة القرآن بحياتهم الواقعية[1].
3- في التفسير التحليلي يتعرض (القرآن) المفسر للألفاظ و الآيات القرآنية بالشرح و التحليل بما يتفق و منهجه التفسيري .
- في التفسير الموضوعي يستفيد مما قام به المفسر التحليلي ، ليستخرج نظرية قرآنية واقعية متكاملة .
4- في التفسير التحليلي ينظر المفسر تفسير القرآن و سوره وآياته ، يبدأ منه وينتهي إليه .
- في التفسير الموضوعي يبدأ من الواقع الذي يعيش فيه ، ويدرك حاجات الأمة و الإنسانية .
في عصره على مختلف جوانبها و يتوجه الى القرآن ليتعلم منه و يعرف رأيه ، فهو دائم الربط بين الواقع والقرآن .
- في التفسير الموضوعي يمكن أن تنظم موضوعات قرآنية ، على هيئة أبحاث مستقلة .
- أما في التفسير التحليلي و بمختلف أساليبه ، يصعب على الناظر أن يجد ذلك .
وهو المعروف من القديم والذي تزخر المكتبة القرآنية بالكتب المؤلفة فيه .
- أما الموضوعي إن وجدت له في القديم بذوره ، وألفت فيه بعض الكتب ، إلا أنه لم يأخذ طابعه النهائي بعد .
- و التفسير التحليلي لا يستغني عنه الباحث في التفسير الإجمالي و الموضوعي أو المقارن .
المطلب الثاني : الفرق بين التفسير الموضوعي و الإجمالي
1- التفسير الموضوعي يهدف إلى : موضوع واحد مشبعا لآياته حيثما كانت في مكي القرآن.
أو مدنية بغض النظر عن ترتيبها في المصحف .
- صاحب التفسير الإجمالي يعمد إلى الآيات القرآنية ، قاصدا معاني جملها متتبعا إلى ما ترمي إليه من مقاصد ، مبينا لها ، موضحا لمعانيها ، بوضع كل ذلك في إطار من العبارات التي يصوغها من ألفاظه[2] .
2- في التفسير الموضوعي يهدف الباحث إلى خدمة موضوع واحد ، ويلتزم بالعمل في إطاره حتى يتم له بحثه .
- أما الإجمالي فإن المفسر لا يهدف إلى موضوع واحد ، بل يهتم في تفسيره كل ما تشير إليه
الآيات ، حسب ترتيبها في المصحف ، دون أن يربطها .
المطلب الثالث : الفرق بين التفسير الموضوعي والمقارن
1- إن التفسير الموضوعي يهدف إلى دراسة موضوع قرآني واحد ، و يتفق مع التفسير المقارن
في أن الموضوعي يجب أن يطلع على ما كتبه المفسرون في الآية التي يتناولها حتى يصبح عنده دراية واسعة عن المقصد الحقيقي للآية ليستفيد منها في موضوعه .
- يهدف التفسير المقارن إلى بيان الآيات القرآنية وفقا لما كتبه جمع من المفسرين
2- الباحث في التفسير المقارن لا بد أن يعمد إلى جملة من الآيات القرآنية في مكان واحد مستطلعا
آراء المفسرين في لجملة من الآيات سواء كانوا من السلف ، أم من الخَلَف ..... ، ويوازن بين هذه الاتجاهات المختلفة ، فيما سلكه كل منهم في تفسيره و ما انتهجه في مسلكه[3] .
- أما التفسير الموضوعي ، فلا بد للمفسر أن يجمع الآيات التي تتصل بنفس موضوع البحث وتكوين موضوع قرآني و العمل لخدمته ، كما عليه أن يستعين بما يبحثه المفسر المقارن .
- وعلى ضوء ما سبق نستنتج أن أنواع التفسير متداخلة متساندة ، لا يستغني المفسر لنوع منها عن الأنواع الأخرى ، وخاصة الباحث في التفسير الموضوعي ، لأن الأنواع الأخرى من التفسير هي اللبنات الأولى و المادة الأولية له.
-
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وفي ختام بحثنا لابد من ذكر أن التفسير الموضوعي للقرآن الكريم
يعتبر من أهم العلوم التي تتعلق بكتاب الله عز وجل فهو المصدر التشريعي الأول ، فالتفسير الموضوعي يتناول قضايا القرآن الكريم بحسب مقاصده من خلال سورة أو أكثر ،
إن الغاية من هذا البحث هو إبراز أهمية التفسير الموضوعي وتأثيره الكبير على علم التفسير ، مع إظهار علاقته مع التفاسير الأخرى و الفرق بينها ، وأنها كلها متساندة لا يستغني كل نوع عن غيره ، كما تناول البحث نشأة التفسير الموضوعي التي كانت لبناته الأولى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتطور الى أن أصبح ما هو عليه الآن
- نرجو من الله تعالى أن يتقبل عملنا هذا و ينفع به كل طالب علم . والحمد لله رب العالمين .
-
1- المفردات في غريب القرآن ، للراغب الأصفهاني،ت،صفوان عدنان الداودي ،دارالقلم،الدار الشامية،دمشق بيروت ،الطبعة الأولى
2- القاموس المحيط ، للفيروزآبادي، ت،مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة ،محمد نعيم العرقسوسي ،مؤسسة الرسالة بيروت-لبنان الطبعة الثامنة ،1426ه-2005
3- لسان العرب ، جمال الدين ابن منطور،دارصادر-بيروت ، الطبعة الثالثة ،1414ه
4- مناهل العرفان في علوم القرآن ، للزرقاني ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه ، الطبعة الثالثة
5- البحر المحيط لأبي حيان الاندلسي ،ت،صدقي محمد جميل العطار،دار الفكر -بيروت عام1420ه-2000م
6- الاتفان في علوم القرآن ، جلال الدين السيوطي ،ت،محمد أبو الفضل إبراهيم،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،الطبعة:1394ه-1974م
7- المدخل إلى التفسير الموضوعي ، عبد الستار سعيد ، دار التوزيع والنشرالإسلامية ،عام 1411ه-1991م
8- مباحث في التفسير الموضوعي ،مصطفى مسلم ،دار القلم ،الطبعة الرابعة :1426ه-2005م
9- منهج التفسير الموضوعي دراسة نقدية ، سامر عبد الرحمان ، دار الملتقى الطبعة الأولى1430ه-2009م
-
-
Ouvert le : samedi 17 août 2024, 00:00À rendre : samedi 24 août 2024, 00:00